العلاقة الزوجيّة وحقوق المرأة في العراق القديم
د. قصي منصور التُركي
باحث في آثار وحضارة بلاد الرافدين والخليج العربي
المقدمة:
إن أغلب الدراسات التي تناولت موضوع العلاقة الزوجية، وتكوين الأسرة في الحضارات القديمة، كانت تشكو قلة الأدلة المادية، والكتابية الكافية؛ لمعرفة مكانة المرأة، وطبيعة العلاقة الزوجية، والحقوق التي منحتها القوانين للمرأة كزوجة، وحتى المعلومات المتاحة حول الموضوع كانت مبعثرة هنا وهناك من دون حصر لمجمل ما يمكن أن يثبت لنا بان للعلاقة الزوجية في بلاد الرافدين قد تناولتها القوانين بما يكفي؛ لأن تحتل دورا مهما في قيام الحضارة، وبناء الأسرة، وعلى مختلف الأصعدة، والمستويات الاجتماعية، وهذا ما سوف نتناوله في دراستنا هذه في خمسة مطالب.
المطلب الأوّل: مكانة المرأة في المجتمع الرافديني
تشير الأدلة في الكتابة المسمارية أن التمييز في اللغة السومرية، والأكديّة بفرعيها الأشوري، والبابلي كان واضحا وجليا بين الرجل والمرأة، فقد حددت العلامات المسمارية في المرحلة الصورية هيئة كل من الرجل والمرأة، بموجب الإشارة الجسدية الظاهرة لكلا الجنسين؛ فالعلامة الصورية للأنثى البالغة، من منتصف الألف الرابع قبل الميلاد كانت تلفظ «MI» وتعني امرأة بشكل عام؛ وهي علامة دالة تسبق أسماء الإناث، ويقابلها في اللغة الأكدية “sinništu / amultu”، أمّا الزوجة فتلفظ “DAM” ويقابلها في اللغة الأكدية “aššat” وهي في الأصل الصوري تمثل صورة مجسم الفرج. وبالنسبة إلى الذكر فإن اللفظ باللغة السومرية ورد بصيغة
“إير” (IR) بالنسبة إلى العبد الذكر، ومصطلح “نيتا2“(NITA2) بالنسبة إلى الذكر وعادة ما تُسبق العلامة السومرية بالعلامة التي قراءتها “GIŠ” لتدل الأخيرة على الخصب أو قضيب الرجل ويقابلها «زكرُ/ زيكارو» zikaru/ zikru باللغة الأكدية.”[1]”